مجهر صغير.. يعمل عن طريق الجوال
خفيف الوزن رخيص الثمن يؤمن صورا وتشخيصا طبيا للخلايا والدم
الباحثون يعملون على تطوير الهاتف الجوال للعمل كمجهر
لندن: «الشرق الأوسط»
نجح باحثون أميركيون في تطوير مجهر (ميكروسكوب) صغير رقمي لا يكلف أكثر منبضعة دولارات يمكن وصله بالمقبس إلى هاتف جوال، ليؤدي تشخيصات طبية أساسيةتتطلب عادة معدات مختبرية غالية الثمن. ولا يستخدم هذا المجهر العدسات،وهو يوفر في التكلفة والوزن عن طريق استخدام الرموز الكومبيوترية المبرمجةللحصول على مزيد من المعلومات من الصور.
بمقدور هذا الجهاز حسابكرات الدم والتعرف على الخلايا المريضة والبكتيريا من الصور البسيطة التييجري نقلها عبر سلك «يو إس بي» إلى الهاتف الجوال الذي يستخدم برنامجالمعالجة البيانات. والنسخة الأخيرة من هذا المجهر تتكامل مع أسلوب تقنيجديد أساسه واجهة تفاعل لتأمين صور أفضل، علاوة على المعلومات التي يجرىتشخيصها.
* مجهر هاتفي * ويأمل الباحثون الذين يطورون هذا الجهاز أن يوفر تشخيصا طبيا أفضل فيمناطق العالم التي ينتشر فيها استخدام الهواتف الجوالة، ولكن لا توجد فيهامعدات تشخيص طبية سريرية غالية الثمن. وحتى الهواتف الجوالة الأساسيةالبسيطة تملك حاليا قوة معالجة لا يستهان بها يمكن استغلالها لتحليل صورعينات من الدم، والعينات الأخرى فورا، مما يتيح للمريض الحصول على الدواءالمناسب لمرض السل مثلا بشكل سريع، وبالتالي تمكين المسؤولين عن العنايةالصحية من التعرف سريعا على مجموعات الميكروبات المقاومة للعقاقير.
الأمر الذي يميز المجهر الجديد عن الجهود الأخرى لدمج أدوات التشخيصالبصرية، مع الهواتف الجوالة في وحدة واحدة، هو المسعى لجعله أكثر بساطةورخصا في التكلفة ما أمكن. وهذا يعني التخلص من العدسات غالية الثمن، معاستخدام البرمجيات للحصول على المعلومات الطبية من الصور المهزوزة غيرالواضحة.
صنع الجهاز باحثون برئاسة أيدوغان أوزكان أستاذ الهندسة الكهربائية والطبالبيولوجي في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس. وهو يتألف فقط من جزأينأساسيين من العتاد: قطب ثنائي خفيف باعث للضوء (LED) لإضاءة العينة،وشريحة إلكترونية لتحسس الضوء. وكل من هذين الجزأين يكلف بين 30 و40 سنتا.ويجري تحميل الشرائح الملطخة بالعينات في المجهر عن طريق درج صغير يقع بينمنظار المجهر والهاتف الجوال. وتبلغ أبعاد المجهر الصغير نحو 6 سنتيمتراتفي الارتفاع، و4 سم من كل جانب. أما وزنه فيبلغ 46 غراما.
ولأنالمجهر خال من العدسات، فهو لا يقوم بتكبير الصور. ومع ذلك فهو قادر علىإيضاح الأشياء حتى أقل من سنتمترين، وبالتالي تكوين صور بوضوح كتلكالمنتجة من قبل المجاهر التقليدية التي تكبر الصور 40 ضعفا. وهذا الأمربات ممكنا عن طريق برنامج لمعالجة الصور. «فنحن نعوض عن كل الأشياءبالأسلوب الرقمي»، كما يقول أوزكان. فعندما يمر الضوء من «LED» عبر نوع منالخلايا ينحني أو ينحرف بأسلوب معين، وفقا لحجم الخلية وشكلها ومؤشرالانحراف. ويجري نقل البيانات التي جمعتها شريحة تحسس الضوء إلى الهاتفالجوال لتحليلها.
وكان أوزكان قد عرض سابقا برنامجا قيد العمل على الهاتف يقوم باستشارةمكتبة مؤلفة من خصائص علامات الانحراف العائدة إلى أنواع معينة من الخلاياوالبكتيريا، للتعرف على الخلايا وحساب الموجود منها على العينة.
ويعني التخلص من العدسات التخلص من التكلفة والنفقات كما يقول ويلبور لام،طبيب الأطفال والنسائيات في مستشفى الأطفال التابع لجامعة كاليفورنيا فيسان فرانسيسكو. لكن الأطباء الذين اعتادوا النظر إلى الصور تحت المجهركانوا يشترطون صورا أفضل. «فالأطباء محافظون» كما يقول. ويعمل «لام» معمجموعة من المهندسين الذين يقومون بدمج المجاهر التقليدية التي أساسهاالعدسات، مع الهواتف الجوالة.
* تحسين الصور * ويقوم باحثو الجامعة بتحسين نوعية الصور على الجبهتين: البرمجياتوالعتاد (الأجهزة). «فمع مزيد من قوة المعالجة المتطورة يمكننا القيامبمزيد من التحليل واستخلاص الصور من الظلال بتحديد كاف لإظهار خصائص ماتحت الخلايا» استنادا إلى أوزكان.
وكانت مجموعة الباحثين هذه قدصنعت نسخة جديدة من المجهر التي تدمج وسيلة بصرية تستخدم لتعزيز تباينالصورة في المجاهر التقليدية. ويستخدم هذا الأسلوب الذي يدعى تباينالتداخل التفاوتي منشورا لتجزئة، أو شطر حزمة الضوء إلى حزمتين باستقطابمختلف، قبل إضاءة العينة، ومنشورا آخر لإعادة توحيد الحزمتين بعدما تمرانعبر العينة. وجمع الحزمتين ينتج صورة بتباين معزز للأطراف والحواف. ومثلهذا الأسلوب يجعل من الممكن مشاهدة الأنواع الكثيرة من البكتيريا الشفافةمن دون استخدام التلوين.
وإضافة التباين التداخلي إلى المجهرالعادي التقليدي يكلف نحو 1000 دولار نظرا لضرورة العمل على تراصفالمنشورين بدقة كبيرة مع العدسات. كما أن أسلوب الباحثين هو ثلاثي الأبعاد(هولوغرافي)، أي في الواقع إنتاج صورتين لكل خلية التي تكونت كل منهمابضوء من استقطاب مختلف. ويجري معالجة هذه الصور وإعادة دمجها وتوحيدهاللحصول على مزيد من المعلومات من العينة ومن ثم إنتاج تباين أفضل.
وفي المجهر الخاص الجديد يمكن إضافة عناصر التباين للمرحلة الواحدة عنطريق الدرج الصغير ذاته، حيث يجري وضع العينة لأنه لا توجد عناصر أخرى لكيتتراصف معها. ولا توجد أي تكلفة سوى دولارين ثمن المنشورين والأفلام التيهي بسمك 100 ميكروميتر من بلورات الكوارتز، بحيث تصبح التكلفة الإجماليةللصورة نحو 3 دولارات.
ويعمل أوزكان حاليا مع شركة ناشئة تدعى«هولوسكوب» مقرها سانتا مونيكا في كاليفورنيا لتطوير المجهر. وأعلن أنالشركة هذه ستطور المجهر وفقا لنمطين، واحد خاص بالسوق التجارية، وآخر خاصلحساب وإحصاء عدد كرات الدم.