الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن
رحمة الله بعباده أنه لم يجعل عليهم في الدين من حرج، ومن ذلك أنه تعالى
رخص للمريض الذي يتضرر بالصوم في أن يفطر ويقضي ذلك اليوم، فقال عز وجل: وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ {البقرة: 185}.
والمرض الذي يبيح الفطر: هو الذي يشق معه الصوم، أو تخشى زيادته، أو تباطؤ برئه بالصوم، كما بين ذلك أهل العلم، قال ابن قدامة ـ رحمه الله: المرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم أو يخشى تباطؤ برئه. انتهى.
ونص بعض الفقهاء على أن المرض المبيح للفطر هو المبيح للتيمم، قال في مغني المحتاج: ويباح
تركه أي الصوم بنية الترخص للمريض بالنص والإجماع إذا وجد به ضررا شديدا
وهو ما يبيح التيمم، وهذا ما في الشرحين والروضة، وقد عدوا خوف الشين
الفاحش في الأعضاء الظاهرة من الأعذار المبيحة للتيمم.
قال في مغني المحتاج في بيان المرض المبيح للتيمم: وكذا
بطء البرء بفتح الباء وضمها أي طول مدته وإن لم يزد الألم، وكذا زيادة
العلة: وهو إفراط الألم وكثرة المقدار وإن لم تطل المدة، أوالشين الفاحش
كسواد كثير في عضو ظاهر في الأظهر فيهما، لأن ضرر ذلك فوق ثمن المثل،
ولأنه يشوه الخلقة ويدوم ضرره. انتهى.
وبه
تعلمين أنه لا حرج عليك ـ إن شاء الله ـ في الفطر لأجل هذا المرض الذي
تخشين تزايده إذا صمت، وأنه من الأمراض المبيحة للفطر إذا كان الشين
الناتج عنه في أعضاء ظاهرة كما قدمنا، لما يترتب عليه من الضرر النفسي
البالغ، نسأل الله لك العافية ولمرضى المسلمين.
والله أعلم.