عندما جلس مارك جوكربيرج امام شاشة الكمبيوتر في حجرته بمساكن الطلبة فيجامعة هارفارد الامريكية العريقة، وبدأ يصمم موقعا جديدا على شبكةالانترنت، كان لديه هدف واضح، وهو تصميم موقع يجمع زملاءه في الجامعةويمكنهم من تبادل اخبارهم وصورهم وآرائهم.
لم يفكر جوكربيرج، الذي كان مشهورا بين الطلبة بولعه الشديد بالانترنت،بشكل تقليدي. مثلا لم يسع الى انشاء موقع تجاري يجتذب الاعلانات، او الىنشر اخبار الجامعة او .. ببساطة فكر في تسهيل عملية التواصل بين طلبةالجامعة على اساس ان مثل هذا التواصل، اذا تم بنجاح، سيكون له شعبيةجارفة.
جوكربيرج حقق نجاحا سريعا في وقت قصير
واطلق جوكربيرج موقعه "فيس بوك" في عام 2004، وكان له ما اراد.
فسرعان ما لقي الموقع رواجا بين طلبة جامعة هافارد، واكتسب شعبية واسعةبينهم، الامر الذي شجعه على توسيع قاعدة من يحق لهم الدخول الى الموقعلتشمل طلبة جامعات اخرى او طلبة مدارس ثانوية يسعون الى التعرف على الحياةالجامعية.
واستمر موقع "فيس بوك" قاصرا على طلبة الجامعات والمدارس الثانوية لمدةسنتين. ثم قرر جوكربيرج ان يخطو خطوة اخرى للامام، وهي ان يفتح ابوابموقعه امام كل من يرغب في استخدامه، وكانت النتيجة طفرة في عدد مستخدميالموقع، اذ ارتفع من 12 مليون مستخدم في شهر ديسمبر/كانون الاول من العامالماضي الى اكثر من 40 مليون مستخدم حاليا، ويأمل ان يبلغ العدد 50 مليونمستخدم بنهاية عام 2007.
وفي نفس الوقت قرر ايضا ان يفتح ابواب الموقع امام المبرمجين ليقدمواخدمات جديدة لزواره، وان يدخل في تعاقدات مع معلنين يسعون للاستفادة منقاعدته الجماهيرية الواسعة.
وكان من الطبيعي ان يلفت النجاح السريع الذي حققه الموقع انظار العاملينفي صناعة المعلومات، فمن ناحية بات واضحا ان سوق شبكات التواصل الاجتماعيعبر الانترنت ينمو بشكل هائل، ويسد احتياجا هاما لدى مستخدمي الانترنتخاصة من صغار السن. ومن ناحية اخرى نجح موقع "فيس بوك" في هذا المجال بشكلكبير.
وكانت النتيجة ان تلقى جوكربيرج عرضا لشراء موقعه بمبلغ مليار دولار العام الماضي.
مليار دولار لا تكفي! الا ان جوكربيرج، وعمره 23 عاما، فقط فاجأ كثيرين من حوله برفض العرض.
موقع فيس بوك يستخدمه اكثر من 40 مليون فرد حاليا
وتوقع كثيرون ان يندم على هذا الرفض، خاصة وانه جاء بعد عام واحد فقط منقيام شركة "نيوزكوربوريشن"، التي يمتلكها المليونير الاسترالي روبرتميردوخ، بشراء موقع "ماي سبيس"، وهو موقع للعلاقات الاجتماعية، بمبلغ 580مليون دولار.
اما سبب رفض جوكربيرج لهذا العرض فيرجع الى انه رأى ان قيمة شبكته اعلىكثيرا من المبلغ المعروض. وحسبما قال في مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمزالبريطانية فانه "ربما لم يقدر كثيرون قيمة الشبكة التي بنيناها بماتستحق". واضاف ان
عملية الاتصال بين الناس ذات اهمية بالغة، و"اذا استطعنا ان نحسنها قليلالعدد كبير من الناس فان هذا سيكون له اثر اقتصادي هائل على العالم كله".
واثبت واقع الحال انه كان محقا في رفضه هذا العرض. فقد قالت صحيفة "وولستريت جورنال"، ابرز الصحف الاقتصادية الامريكية، الاثنين ان شركةميكروسوفت تسعى لشراء 5% من قيمة "فيس بوك" بقيمة من 300 الى 500 مليوندولار، الامر
الذي يعني ان قيمة فيس بوك" الكلية تصل الى مبلغ من ستة الى عشرة مليارات.
يشار الى ان شركة ميكروسوفت تحتكر اعلانات الانترنت على شبكة فيس بوك في الوقت الراهن.
احلام ومشكلات امام جوكربيرج مشروعات كثيرة، فهو مثلا يريد ان يستمر النمو في مستخدمي الشبكة بحيث يتضاعف عدد
المستخدمين كل ستة اشهر، ويريد تقديم المزيد من الخدمات التفاعلية في شبكة"فيس بوك"، وان كان جوكربيرج لا يفضل عموما الحديث عن خططه طويلة الاجل.
الا ان الطريق ليس سهلا. هناك منافسة شرسة من عدة مواقع للعلاقاتالاجتماعية، ابرزها موقع "ماي سبيس" الذي سيبلغ عدد مستخدميه اكثر من 200مليون فرد، ويعد اكبر شبكة للعلاقات الاجتماعية في العالم.
هناك ايضا تقارير تحدثت عن قيام فيس بوك بتطوير نظام يسمح للمعلنينباستخدام المعلومات التي يقدمها مستخدمو الشبكة عن انفسهم، وهو ما ينفيهزوكربرج اذ ان مثل هذا النظام يثير تساؤلات عن مدى الخصوصية التي يتمتعبها مستخدمو الشبكة.
بالاضافة الى ذلك فقد وجه المدعي العام في نيويورك يوم الاثنين 24سبتمبر/ايلول مذكرة استدعاء لمسؤولين في "فيس بوك"، وقال في خطاب للشبكةان فحصا اوليا اوضح وجود اوجه قصور في الحماية التي يتمتع بها مستخدموالشبكة، خاصة صغار
السن. وقد قام احد المحققين بالتظاهر بانه شاب صغير السن ودخل على موقع للشبكة فتعرض لملاحقة جنسية من قبل بعض المستخدمين.
كما قال المدعي العام لولاية كونيكتتيكيت ريتشارد بلومينثال لوكالة رويترزللانباء ان مكتبه وجد ثلاثة من المدانين بجرائم جنسية ضمن شبكة مستخدميفيس بوك، وان على الشبكة القيام بالكثير من الخطوات قبل ان يشعر بالرضىالكامل تجاهها على حد وصفه.
ومن جانبها تؤكد الشبكة انها حريصة على القيام بكل ما هو ممكن لحماية مستخدميها.
على طريق بيل جيتس؟ يبدو التشابه واضحا بين بيل جيتس ومارك جوكر بيرج. كلا الرجلين بدأ العمل في صناعة المعلومات في
بداية العشرينات من العمر، وكلاهما اصبح من اصحاب الملايين في العشريناتايضا، وكلاهما صاحب رؤية اثمرت نجاحا وتغييرا في سوق المعلومات استفاد منهالملايين في العالم.
وكلاهما درس في جامعة هارفارد، وان كان جيتس لم يكمل دراسته بسبب انشغالهبتطوير برامج الحاسبات الشخصية. وبين الرجلين ايضا علاقة عمل تتجه الىالتطور والتوسع كما ذكرنا.
بل ان ملامح وجه زوكربرج تبدو لحد من قريبة من ملامح جيتس.
غير ان جيتس، الذي ولد في عام 1955، هو الاغنى على وجه كوكبنا حسب تصنيفمجلة فوربس" الامريكية، وهو صاحب اكبر شركة لبرامج الكمبيوتر في العالم،كما انه اكبر متبرع للعمل الخيري في العالم.
وهذا يعني ان على جوكربرج القيام بالكثير اذا ارادا ان يحقق نجاحا يقارب ماحققه جيتس