المبحث الأول: أهم سمات مناخ الاستثمار في الجزائر
المطلب الأول : مفهوم المناخ الاستثماري و مقوماته
أولا : التعريف: لقد تطور مفهوم المناخ الاستثماري تدريجيا إلى أن أصبح يشتمل على توليفة مركبة من العوامل الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية التي تسعى من خلالها الجهات الوصية إلى الترويج للقــــطر و للفرص الاستثمارية .
هناك أكثر من تعريف للمناخ الاستثماري، يمكننا الإشارة إلى تعريفين فقط ، هما :
- التعريف الأول: يقصد بمناخ الاستثماري " مجمل الأوضاع السياسية و الاقتصاديــــة و الاجتماعية و القانونية المؤثرة على توجهات حركة رؤوس الأموال، ذلك أن رأس المال عادة ما يتسم بالجبن و يتحرك من الأوضاع السيئة إلى الأوضاع الأحسن حالا " .
- التعريف الثاني :يقصد بمناخ الاستثمار " مجمل الأوضاع و الظروف المؤثرة في اتجاه تدفق رأس المـــال و توظيفه ، و تشمل هده الظروف الأبعاد السياسية ، و الاقتصادية ، و كفــاءة و فعالية التنظيمات الإدارية ، التي يجب أن تكون ملائمة و مناسبة لجذب و تشجيع الاستثمارات المحلية و الأجنبية" .
ثانيا - مقومات المناخ الاستثماري : يرتكز المناخ الاستثماري الجاذب لرؤوس الأموال الوطنية و الأجنبية على عدة مقومات ، نوجز أهمها فيما يلي :
1- المناخ السياسي و الأمني :
هناك العديد من العوامل تؤثر على مدى ملاءمة المناخ الاستثماري، حيث عدم توافر الاستقرار السياسي و الأمني ، يؤدي إلى خفض معدلات الادخار و بالتالي خفض معدلات الاستثمار .و بذلك يفقد المستثمر الثقة في استقرار الجهاز الحاكم ، الأمر الذي يدفعه إلى توطين أصوله الاستثمارية في المناطق الأكثر استقرارا و أمنا .
و يتأثر المناخ السياسي و الأمني بمجموعة من العوامل ، نوجزها فيما يلي :
قدي عبد المجيد ، المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و المناخ الاستثماري ، الملتقى الوطني الأول حول المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و دورها في التنمية ، جامعة الاغواط ، الجزائر ، 08 ، 09 افر يل 2002 ، ص 145
حربي عريقات ، واقع مناخ الاستثمار في الوطن العربي ، ورقة بحثية مقدمة لمؤتمر الوطن العلوم المالية و المصرفية ،جامعة اليرموك ، الأردن ، ، 1998
أ- النمط السياسي المتبع من حيث كونه نظاما ديموقراطيا أو دكتاتوريا،
ب- موقف الأحزاب السياسية من الاستثمارات الأجنبية،
ت- درجة الوعي السياسي من حيث الرغبة في السماح للاستثمارات الأجنبية للمشاركة في عملية التنمية الاقتصادية و الاجتماعية،
ث- دور المؤسسة العسكرية في إدارة شؤون البلد المضيف و درجة الوعي السياسي لديها و مدى تفهمها لمشاكل التنمية الاقتصادية.
2- المناخ الثقافي و الاجتماعي يشتمل هذا المناخ على مجموعة من العوامل المؤثرة على نشاط المشروع و إمكانية تكامله و مقدار التعاون المطلوب ، و يبرر ذلك من خلال
:
أ- دور السياسة التعليمية و التدريبية و التكوينية المعتمدة ،
ب- درجة الوعي بعناصر و مقومات التقدم الاقتصادي، و درجة تفهم و تعاون أفراد المجتمع لنشاط الشركات الأجنبية،
ج- دور الجمعيات و النقابات العمالية في تنظيم و تحسين القوى العاملة،
د- درجة الوعي الصحي، و مقدار التأمينات الاجتماعية المتبعة،
3- المناخ الاقتصادي: و يمكن إجمال أهم العوامل المؤثرة في المناخ الاقتصادي ضمن الآتي :
أ- مقدار الموارد الطبيعية المتاحة داخل البلد ،
ب- مقدار البنية التحتية و مدى صلاحيتها ،
ت- درجة المنافسة المتاحة داخل الدول و القدرة على مواجهة المنافسة الخارجية ،
ث- مرونة السياسة المالية و النقدية ، و ما تحتويه من تحفيزات ،
ج- درجة وضوح و استقرار قوانين الاستثمار و مقدار القيود المفروضة على رأس المال المستثمر،
ح- مدى كفاءة البنوك و قدرتها على توفير المعلومات للمستثمر و معدلات الفائدة على التسهيلات الائتمانية ، و مدى كفاءة سوق المال داخل الدولة ،
خ- مدى استقرار السياسات السعرية و معدلات التضخم،
دعاء محمد سالمان ، دور سياسات الصلاح الاقتصادي في تهيئة المناخ الاستثماري ، رسالة ماجستير ، كلية التجارة ، عين شمس ، القاهرة ،مصر ، ص 24-25
محمد نظير بسيوني ، دور السياسات الاقتصادية تجاه الاستثمارات الاجنبية المباشرة ،رسالة دكتوراه ، كلية التجارة ، جامعة عين شمس ن القاهرة ، مصر ، 1986 ، ص 236
د- درجة الحماية المتبعة داخل الدولة، من حيث ضمان حقوق المستثمرين في تحويل رأس المـال و الأرباح .
ثالثا: المناخ الاستثماري في الجزائر
حسب خبراء البنك الدولي في تقديرهم لمناخ الأعمال في الجزائر، فإن الفترة الزمنية اللازمة لبعث مشروع استثماري في الجزائر قد قلصت من 120 يوما إلى حوالي 27 يوما فقط. و حددوا بدقة أن العقار الصناعي يشكل أهم العقبات للمشاريع الاستثمارية، و أن مناخ الأعمال متعلق بالهياكل القاعدية ( موانئ، مطارات، و شبكة الطرقات )، و كذلك متعلق بالسياسة النقدية و المالية للبلد.كما بينوا أهمية المعاهدات، و الاتفاقات الدولية المتعلقة بالنزاعات في مجال الاستثمار، و الوضوح و الاستقرار في الإطار التشريعي، و تنظيم المبادلات،و الاقتصاد الموازي ، و عقود العمل ،و الحد الأدنى للأجور.
و قد أشار الوزير الجزائري حميد طمار، وزير المساهمة و ترقية الاستثمارات في المحاضرة التي ألقاها على هامش أشغال الدورة العادية للغرفة التجارية البلجيكية العربية اللوكسمبورغية التي عقدت ببروكسل بتاريخ 15 جوان 2006، أشار الوزير إلى أن الجزائر شرعت في تقديم تسهيلات،و مزايا لاستقطاب المستثمرين الأجـانب ، من بينها الحصول على العقارات الصناعية ، و تخفيض الضرائب على الفوائد ، و تقليص مهلة الحصول على الاستثمار. كما اعترف الوزير الجزائري بوجود عراقيل و نقائص في النظام الجزائري تعود بالدرجة الأولى إلى عدم تأقلم العقليات مع عملية تحرير السوق، و غياب استراتيجية إشهارية مثلى للتعريف بمؤهلات الجزائر في المجال الاقتصادي .
جريدة الخبر بتاريخ 17 جوان 2006